الحمد لله ربي لا إله سواه
ولا أعبد إلا إياه
ولا أبتغي غير رضاه
والصلاة والسلام على رسوله ومجتباه
وعلى آله وصحبه ومن والاه
ومن سار على نهجه إلى أن يلقاه
أما بعد
صدق الله العظيم القائل :
( إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء )
فأسأل من الله لي ولكم الهداية
وأن يجنبنا طريق الغواية
وأن يثبتنا على طاعته
وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته
وبأن يمن علينا برحمته
ويدخلنا دار كرامته
إخواني :
ما قدرنا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسماوات مطوياتٌ بيمينه
يخلق ويُخاف ويُرجى غيره
يرزق ويُشكر سواه
خيره إلينا نازل وشرنا إليه صاعد
يتحبب إلينا بالنعم ونتبغض إليه بالمعاصي
نجد من نعمه مالا نحصيه
مع كثرة ما نعصيه
بل أصبح عملنا ودعوتنا وطاعاتنا من أجل العباد
ونسينا رب العباد
الذي سنقف بين يديه في يوم ٍ تتفطر فيه القلوب والأكباد
فسبحان الله ما أحلمه على من عصاه
وما أكرمه لمن سأله ودعاه
فمن كل خير ٍ أعطاه , ولطريق الجنة هداه
فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟
وما سمي الإنسان إنسان إلا لأنه كثير النسيان
( يوم يبعثهم الله جميعاً فينبئهم بما عملوا أحصاه الله ونسوه )
الله حيٌ لا يموت , يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور
فمن أراد رضاه
فهو المداوم على طاعته إلا أن يلقاه
ومن عمل من أجل مخلوق
فإن عمله والله لممحوق
إخواني :
إن من الناس من يفرح بتكريم الدنيا الفانية
وينسى تلك الكرامة في الآخرة الباقية
فأسأل من الله أن نكون ممن أحبه
وما ابتغى بعمله غير وجهه
وعلامة ذالك المداومة على الأعمال في كل حال
فالله سبحانه يعلم مثاقيل الجبال
وعدد الرمال
وما أسر عبده وأعلن من الأعمال
إخواني الأعزاء :
كونوا من الدعاة المهتدين الذين يدعون إلى الله باليد واللسان
فإن لم تستطيعوا فبقلوبكم وذالك أضعف الإيمان
وسيروا في طريقكم بتأني وروية
ولا تنسوا قبل كل شيء بأن تخلصوا لله النية وانظروا في أمور الدين إلى من هو أعلى منكم حتى تكونوا مثله
فإن لم تجدوا القدوة الصالحة فاقرءوا سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام فستجدون صوراً رائعة ونماذج يحتذى بها
وانظروا في أمور الدنيا إلى من هو دونكم حتى لا تزدروا نعمة الله عليكم
واعلموا إخواني أن من أحب الأعمال إلى الله
أدومها وإن قل
فلا تغتروا بطول الأمل
فإن طول الأمل يفسد العمل
واعلموا إخواني
أن من السبعة الذين يضلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله شابٌ نشأ في عبادة الله
وإياكم أن تغتروا بزخرف القول
فإن شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا
وكما أن هناك دعاة للخير فهناك أيضاً دعاة للشر
وسيأتي زمان يكون فيه القابض على دينه كالقابض على الجمر
( فطوبا للغرباء )
وكما أن الجنة قد أعدها الله لمن أطاعه من العبيد
فإن جهنم تتغيظ من العصاة وتقول هل من مزيد
فاستعينوا على الطاعة بالله فهو خير معين
ثم بالإخوان الصالحين
فهم رفقاء الطريق إلى جنات النعيم
ولا تنسوا إخوانكم في الدين الذين يتخطفهم الشياطين
فكونوا لهم من الناصحين
ولا تعبؤا بكلام الحاقدين
( فإذا رماكم الناس من خلفكم بالحجارة فاعلموا أنكم في المقدمة )
فهذه وصيتي كتبتها بدم الفؤاد على صفحة الصدق والوفاء
أهديها لكم
وهي وصية لي قبل أن تكون لكم
فأرجوا أن تحفظ حتى يذكر بها كاتبها
إن هو تراجع وزل
وعن الهدى ضل
فالقلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيفما شاء
فيا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلوبنا على طاعتك
وجنبنا معصيتك
وأدخلنا جنتك
ليس بأعمالنا بل برحمتك
والله المستعان هو حسبي عليه توكلت وهو رب العرش العظيم